الهجمات السيبرانية في سياق النزاع المسلح

Abstract

 إن كان لا خلاف بأن مجال تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني هو النزاع المسلح بوسائله التقليدية التي تنحصر في استخدام القوة العسكرية؛ غير أن التطورات الحديثة للأنترنت أدت إلى بروز شكل آخر مختلف تماماً لأساليب الحرب التقليدية. حيث تلجأ الدول اليوم إلى استخدام الفضاء الإلكتروني، لشن هجمات سيبرانية أثناء النزاعات المسلحة، ما يثير الكثير من التساؤلات في شأنها، التي أبرزها مدى تطبيق قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني على مثل هذه الهجمات.     وفي هذا الشأن تتميز قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحدد مجال انطباقه بالمرونة، ما قد يسمح بتطبيقها على الهجمات السيبرانية، كما يتضمن القانون الدولي الإنساني الكثير من المبادئ التي تهدف في مجملها إلي الحد من اثر الحرب وجعلها أكثر إنسانية، وأبرز هذه المبادئ مبدأ الإنسانية، ومبدأ الضرورة الحربية، ومبدأ التناسب، ومبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف غير العسكرية، ويترتب على سريان قواعد القانون الدولي الإنساني على الهجمات السيبرانية التي ترتكب أثناء النزاع المسلح؛ تطبيق المبادئ السابق ذكرها على مثل هذه الهجمات ما قد يساهم في الحد من آثارها  ضد المدنيين.       فلا يخفى على أحد أن الهجمات السيبرانية في سياق النزاع المسلح، كثيرا ًما تستهدف البنية التحتية للمدنيين، كتعطيل النظام الغذائي والصحي والتعليمي والاقتصادي، وهذا ما يتعارض مع غاية القانون الدولي الإنساني.       كما أن للقانون الدولي الإنساني آليات عقابية، سواء على مستوى القضاء الوطني أو القضاء الدولي الجنائي، والتي تهدف في مجملها لمعاقبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات الجسيمة أثناء النزاع المسلح، ولهذا يترتب على تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني على الهجمات السيبرانية؛ تطبيق آلياته العقابية على مرتكب مثل هذه الهجمات.